هل ستقضى المناهج الحاسوبيّة على نظريّات علوم الإعلام والاتصال؟

هل ستقضى المناهج الحاسوبيّة على نظريّات علوم الإعلام والاتصال؟.                                    

                                                                                         نصر الدين لعياضي

                                                                   أستاذ التعليم العالي، كلية علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر 3

layadi.nacereddine@univ-alger3.dz 

المناهج الحاسوبية
المناهج الحاسوبية

Can Big Methods make information and communication théories obsolète?.

Abstract 

This article seeks to contribute to the debate over the Big Methods in the field of information and communication sciences. It Explains its benefits in the era of big data and social media. It also highlight the limits of this new methods and its epistemological stakes. Moreover, this article tries to put forward various positions on the idea that began to spread slowly but surely in university literature, that big methods probably will make various theories in the social sciences and humanities obsolete. 

Key words Big Data, Metadata, Big Methods, Velocity,  Ideal‑type,  Redistribution,  Apophenia, Digital Traces

Est-ce que les méthodes computationnelles pourront sonner le glas des théories des sciences de l’information et de la communication ?

Résumé 

Le présent article est une contribution au débat sur les méthodes computationnelles dans les sciences de l’information et de la communication. Il essaye de les définir ; d’argumenter leur utilité à l’ère de big Data et des médias sociaux en mettent en relief leurs limites et les enjeux épistémologiques qu’ils suscitent. Par ailleurs, Il expose les différentes positions sur l’idée que les méthodes computationnelles pourront sonner le glas des différentes théories en sciences sociales et humaines qui se répand lentement mais surement dans des écrits universitaires.

Les mots clés : Big Data, Méta data ; Méthodes computationnelles, Vélocité, Idéal‑type, Redistribution, Traces numérique, Apophénie.

 ملخص:

يحاول هذا المقال العلمي، أن يساهم في النقاش الدائر حول المناهج الحاسوبيّة أو الكبرى في علوم الإعلام والاتصال، يشرح فوائدها في عصر البيانات الضخمة والميديا الاجتماعيّة، ويسلط الأضواء على حدودها والرهانات الابستمولوجية التي تطرحها، ويطرح مختلف المواقف من الفكرة التي بدأت تنتشر ببطء لكن بثبات في الكتابات الجامعية ويلخصها السؤال التالي: هل تتمكن المناهج الحاسوبيّة من القضاء على مختلف النظريات في العلوم الاجتماعية والإنسانيّة؟.

الكلمات المفتاحية: البيانات الضخمة، الميتا بيانات، المناهج الحاسوبية أو الكبرى، سرعة البيانات الكبرى، إعادة التوزيع، النموذج المثالي، الآثار الرقمية، الاستسقاط.

المقدمة:

لازال الجدل حول التكنولوجيا الرقميّة ومنصاتها وتداعياتها على الحياة اليوميّة وعلى المجتمع قائما في الجزائر. ولم ينتقل، مع الأسف، إلى مناقشة تأثيرها على البحث العلمي[1]. وهذا خلافا لما جرى ويجرى في العديد من بلدان العالم التي انقسم فيها الباحثون إلى ثلاثة فرق: فريق من المتشائمين يرى أن هذه التكنولوجيا، التي توفر مصادر جديدة للمعلومات، تشكل خطرا جديًّا على التقاليد العلميّة وأشكال البحث العلميّ الراسخة في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، Burrows, 2007, 885-899 Burrows ) Savage(. وفريق من المتفائلين يرى أن التكنولوجيا الرقميّة تدشن عصرًا من التجديد المنهجيّ نظرا لقدرتها الرهيبة على جمع أكبر عدد من البيانات في أسرع وقت واظهارها على الشاشة وتحليلها، ممّا يسمح لها بتطوير مناهج البحث القائمة وابتكار أخرى جديدة ) ( Marres, 2012, 139–165. وفريق ثالث، يمكن أن نصفه بالواقعي، يؤمن بأن التطور سنة الوجود، وأن التجديد المنهجيّ كان دائمًا مطروحا على جدول أعمال البحث العلميّ ّفي العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، ودليله في ذلك أن الباحثين، مثل "بول لازرسفيلد" و"روبرت ميرتون" قد أضافا المقابلات المعمّقة إلى بحوثهما الميدانيّة المسحيّة (Hine, 2005,200 ). وأن "هذا التجديد" ليس سوى استئنافًا " للثورة الكميّة" التي عاشتها هذه العلوم في ستينات القرن الماضي وسبعيناته ( Boyd , Crawford,2011 . وبهذا يحاول هذا الفريق التقليل من الخوف على مصير البحث العلمي في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والتخفيف من الافراط في التفاؤل بمستقبله على يد التكنولوجيا الرقميّة  في آن واحد.

سنحاول أن نقدم في هذه الدراسة تعريفا لأبرز اتجاه منهجي يوظف التكنولوجيا الرقميّة، ممثلا في المناهج الحاسوبيّة Les méthodes computationnelles   - Big Methods  كاشفين عن خصوصيتها مقارنة ببقية الاتجاهات المنهجيّة التي ظهرت في بيئة الواب. ونسعى إلى الإجابة عن السؤال التالي: هل ستقضي هذه المناهج على النّظريّة التي كانت ولاتزال تؤطر بحوث الميديا وتوجَهها، وتشرح نتائجها، وتتنبأ بمستقبل تطور ما تدرسه من ظواهر إعلاميّة واتصاليّة؟.

نعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تتقاطع مع النقد الذي وُجه إلى هذه المناهج، والذي يرتكز أساسا على رهاناتها الابستمولوجية  والأخلاقية.

 نميل إلى الاعتقاد بأن فهم النقاش المذكور أعلاه يتطلب العودة إلى تطور العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة من منظور الباحث دومنيك بوليBouillier, 2014,229)  (، المختص في علم الاجتماع الرقمي ، ورئيس تحرير مجلة " كوسموبلتيك"، والذي  حصره في ثلاثة أجيال: الجيل الأول الذي ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وكان يعتمد على البيانات الناجمة عن التّعددات السنويّة التي تقوم بها الحكومات، ومؤسساتها المختلفة، ووهي عبارة عن مسح إحصائي شامل للسكان ولنشاطهم ووضعياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتعليميّة أو شريحة، منهم يُستخلص منها السلوك الفردي في المجتمع. بالطبع، إنّ هذه البيانات تندرج ضمن مسعى تلبية حاجة الدولة بدرجة أساسيّة. والجيل الثاني الذي ظهر في ثلاثينات القرن الماضي مع إنشاء مؤسسة "غالوب" لاستطلاع الرأي، وانطلاق عالم الاجتماع "بول لازرسفيلد" في انجاز بحوثه الميدانيّة التي اعتمدت على استطلاعات الرأي بالاستناد إلى عيّنة تمثيليّة لدراسة المجتمع. إنّ الحاجة إلى هذه البيانات كانت وليدة السوق والحياة السّياسيّة "الديمقراطيّة".  أما الجيل الثالث فقد بدأ في الظهور منذ ثمانيات القرن الماضي ومطلع الألفيّة الحاليّة مستندا إلى البيانات الضخمة Big Data . وتعزّز بزيادة الاستخدام الاجتماعيّ للأنترنت نتيجة قيامه بجمع ما يخلَّفه مستخدمو الانترنت من آثار في إبحارهم عبر شبكة الانترنت، وما يحتفظ به مقدمو خدمة الانترنت، والمواقع والمنصات الرقميّة عن زوارها.

قد نختلف مع الباحث "دومنيك بولي" في هذا التصنيف لنظرته إلى تطور البحوث الاجتماعيّة والإنسانيّة من منظور تعاقبي، بمعنى أنه ينفي ضمنيا إمكانية استفادة هذا البحث من البيانات التي تجمع بالأداة التي توطدت لدى الجيل الأول، ومن البيانات التي توفرها الأداة التي سيطرت على الجيل الثاني في الوقت ذاته. لكن هذا لا يقلّل من أهمية تصنيفه الذي يسلط الضوء على دور الآثار الرقميّة في تشكيل العالم الاجتماعي لمستخدمي التكنولوجيا المعاصرة، وإن كان الاختلاف قائما حول تقييم هذا الدور في بحوث الإعلام والاتصال.

سعى الكثير من الباحثين إلى رسم خريطة للاتجاهات المنهجية الكبرى التي تدرس موضوعات الإعلام والاتصال في إطار الجيل الثالث من العلوم الاجتماعية. وسنكتفي بذكر خريطتين أساسيتين، الخريطة الأولى وضعتها الباحثة الاجتماعية "ماريس نورتاجي") ( Marres, 2012, 139–165. والثانية صاغها كل من الباحثين "سارج برولكس" و"جليان رويف", 2018,132) ( Proulx, Rueff. تتسم هاتان الخريطتان بشموليتهما، إذ تلخصان أبرز الاتجاهات البحثيّة المعاصرة في حقل الإعلام والاتصال، وتتقاطعان في أكثر من مفصل، إضافة إلى أنهما تحولتا إلى مرجع أساسي من فرط تواترهما في البحوث التي تعالج مسألة مناهج البحوث.

في مناقشتها لتداعيات التكنولوجيا الرقمية على البحث الاجتماعي، والذي يشمل بالطبع بحوث الإعلام والاتصال، وظفت الباحثة " ماريس نورتاجي" ) ( Marres, 2012, 139–165 مفهوم إعادة التوزيع Redistribution الذي توضحه بالقول " إن الأدوار في ممارسة البحث العلمي وفق هذا المفهوم موزعة على طائفة متنوعة من الفاعلين: الباحثين، والمبحوثين ( موضوع البحث- المستخدمين)، والوسيط أو العُدّة التكنولوجيّة، وممولي البحوث.  وقد سعت من خلال هذا المفهوم إلى تحديد المهارات ومنح السلطة والشرعية في البحث للفاعلين المذكورين. وعلى الرغم من إقرارها بأنّ إعادة التوزيع هذه مسألة " لزجة" لصعوبة حصر مساهمة أي فاعل من الأطراف المذكورة في تجسيد مناهج البحث إلا أنها أدرجت الاستراتيجيات البحثية المستخدمة في البيئة الرقمية كما يلي: المناهج التقليديّة أو (methods-as-usual) ، والمناهج  الحاسوبيّة (أو big methods) ،  والمناهج الافتراضيّة ) virtual methods ( والمناهج الرقميّة )  digital methods) ) ميلاني، ميليروند، ميلز، لازكو توث ، 2021، 26 (    

إن كان الباحثان سارج برولكس وجوليان رويف , 2018,7) ( Proulx, Rueff يقران بأن التكنولوجيا أثرت تأثيرا كبيرا على البحث العلمي، فإنهما لم يعتمدا على مفهوم " إعادة التوزيع" المذكور أعلاه في وضع خريطة مناهج البحث في البيئة الرقميّة، بل وظفا مفهوم " النموذج المثالي" Ideal‑type  بالمعنى الويبري ) نسبة إلى "ماكس ويبر" (، والذي لا يعني النموذج الكامل أو الأفضل أو المرغوب،  أو الأكثر وفاء في تمثيله للواقع، بل يقصد به ذاك النموذج الذي يتضمن خصائص يمكن ملاحظتها أكثر من غيرها، ويتم التعبير عنها من  خلال إنشاء تركيبي مجرد يكشف عن القواسم المشتركة للعناصر التي تشكل الظاهرة المدروسة )  سبيلا، الهرموزي، 2017، 528 (. وعلى هذا الأساس تضمنت خريطتهما لمناهج البحث في البيئة الرقميّة أربعة نماذج مثالية للمقاربات البحثيّة الكبرى، وهي: مناهج توافقيّة، وليست كلاسيكية مثلما ذكرت "ماريس نورتجي"، وقسماها إلى صنفين: كميّة وكيفيّة، والإثنوغرافيا عبر الخط، والمناهج الحاسوبيّة المطبقة على البيانات الكبرى، و المناهج الرقميّة الكميّة- الكيفيّة[2].

ما هي البيانات الكبرى أو الضخمة ؟.

ظهرت عبارة "البيانات "الكبرى أو الضخمة Big Data لأول مرة في أكتوبر 1997 )  Press, 2013 ( للدلالة على حجم البيانات التي تتزايد باضطراد في شبكة الانترنت. وتشمل مختلف ما ينتجه استخدام التكنولوجيا الرقميّة سواء لأغراض مهنيّة أو شخصيّة، من جهة، وللإحالة إلى الأشكال المختلفة لحساب هذه البيانات. وتلاها مصطلح الميتا بيانات Metadata ، أي بيانات البيانات التي لا تظهر في الشاشة وتتضمن معيطات دقيقة عن الصور وشرائط الفيديو: تاريخ ووقت التصوير، مكان التصوير ، وآلة التصوير وخصائصها التقنية، ومرسل الصور أو الشريط، ووسيط إرسالها )هاتف ذكي، كمبيوتر محمول أو ثابت، لوح إلكترونية( وغيرها من البيانات.

وتماشيا مع التطور الرقميّ ومع الجيل الثالث من العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لم تعد بحوث الإعلام والاتصال تكتفي باستغلال البيانات التي اعتمد عليها الجيلين الأول والثاني من العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة والتي تنشر في شبكة الانترنت؛ أي ما تتضمنه بنوك المعلومات من بيانات مرقمنة، بل اتجهت إلى استغلال الآثار التي يتركها مستخدمو هذه الشبكة وتطبيقاتها، وهي على سبيل المثال وليس الحصر : النقر على المواقع  والنصوص والصور والفيديوهات والبودكاسات، والمواقف منها التي يعبر عنها النقر على أيقونات الإعجاب، و"الإيموجي" Emoji،  والتعليقات والمشاركات المختلفة، والروابط الرقميّة  Links، والرسائل النّصّية القصيرة، والهاشتغات، وغيرها، والتي لا تشكل في اعتقادنا عالما مفصولا عن العالم الاجتماعي الذي نصنعه فعليًّا وبشكل ملوس، ولا موازيا له، بل تعدّ امتدادًا له. وتكشف في الوقت ذاته عن أبعاده الخفيّة أو التي لم نكن نتصور وجودها. هذا ما يؤكده الكاتب سیث ستیفنز – دافیدوتس ) 2017 ، 38  ( الذي يُشبّه البيانات الكبرى بالمجهر الذي يكشف التفاصيل التي لا تصلها العين المجردة.

أمام تدفق سيل الآثار والبيانات التي يمكن جمعها يقف الباحث في علوم الإعلام والاتصال عاجزا على استغلالها دون الاستعانة بالعدّة الرقميّة. بالطبع لم تكن هذه العلوم هي السباقة إلى جمع هذه الآثار واستغلالها، لقد سبقها إلى ذلك قطاع المعلوماتية والعلوم التجاريّة والتسويق وقطاع الصحة العموميّة إلخ التي سخرت البرامج ومحركات البحث والمنصات، لدراسة اتجاهات السوق ومكانة السلع والخدمات وتطور الأمراض والأوبئة، وسلوك المستهلكين ودوافع الشراء، وسمعة المؤسسات.  وبهذا وفرت للشركات الكثير من الوقت الذي كانت تحتاجه البحوث الكلاسيكيّة، وخفضت كلفة البحث فضلا على حصولها على البيانات الآنية التي تسمح لها باتخاذ القرارات بسرعة.  ففي هذا الإطار ظهرت المناهج الحاسوبية أو المناهج الكبرى Big Methods التي شملت مختلف المجالات المعرفيّة لتغير بعمق التخصصات العلمية وابستمولوجيتها، وتغير شروط إنتاج المعرفة وتداولها )   Bourdeloie 2013(، كما سنبين لاحقا.

المناهج الحاسوبيّة:  

ويقصد بالمناهج الحاسوبيّة تلك التي تعتمد على الرياضيات والمعلوماتيّة لجمع الآثار الرقمية ومعالجتها ونمذجتها وإبرازها في شكل جداول وخرائط ورسوم بيانيّة ومجسمات تفاعليّة. إنها الآثار التي يخلفها المستخدمون في إبحارهم عبر شبكة الانترنت، وما تحتفظ به محركات البحث، وألعاب الفيديو عبر الخط، والمنصات الرقميّة، ومزودو خدمات الأنترنت من بيانات عن الأشخاص وعن مبادلاتهم مقترحة بذلك نوعا جديدا من المقاربات العلميّة للظواهر الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة. بل رآها البعض بمثابة علم جديد: علم الشبكات الجديد) (new network science , 2018,139) Proulx, Rueff  ( الذي يحل محل التقنيّات التقليديّة المستخدمة في استطلاعات الرأي، بل تقدم قدرا كبيرا من البيانات والميتا بيانات[3] التي لا تستطيع بحوث استطلاع الرأي بلوغها. فتستثمر هذه المناهج الرياضيات إلى أقصى درجة لتحويل الظواهر المدروسة إلى بيانات كميّة على حساب البيانات النوعية التي تنتج بطريقة " تشوبها النزعة الذاتيّة".

نعتقد أن "التحوّل الابستيمي" الذي تحدث عنه الفيلسوف بنار ستيغلر ( Stiegler, 2014,14  )  والذي دشنته التكنولوجيا الرقميّة، يعود إلى خصائص البيانات الضخمة التي وظفتها المناهج الحاسوبيّة، وجعلت منها متغيرات البحث في البيئة الرقمية  تضاف إلى متغيرات البحث التقليدي في بيئة التكنولوجيا التناظرية، مثل السن، والجنس، ومستوى الدخل، والوضع الاجتماعي، والمستوى التعليمي، وإن كانت تختلف عنها. وقد حصرها البعض في ثلاث خصائص تشترك في الحرف V اللاتيني الأول من اسمها   Schmidt, 2015) (، وهي: الحجم Volume ، والتنوع Varieté ، والسرعة Velocité . وإن كانت الخاصيتان الأوليان واضحتان، فإن خاصة السرعة، تعد متغيرا مستحدثا بالفعل، إذ يقصد به إيقاع توليد البيانات والتقاطها وتوزيعها. ويعدّ عالم التسويق أكثر اهتماما بهذه الخاصية، لأن كل تأخير في التقاطها وتحليلها يقلّل من قيمتها، ويؤجل اتخاذ القرارات بشأنها. وقد حاولت بحوث الصحافة تكييف هذه الخاصية فربطتها بآنية نشر/ بث البيانات، وبمدة ظهورها في الشاشة قبل أن تختفي أو تؤرشف، وحصرتها في إيقاع تجديد الأخبار أو تجديد واجهة موقع الصحيفة أو أي موقع إخباري في شبكة الانترنت[4].

وقد أضاف لها البعض خاصيتين أخريين، وهما الحقيقية Véracité، والقيمة Valeur، ويقصد بهذه الأخيرة التركيز على البيانات التي تملك إضافة عملية في ظل تخمة البيانات لتصبح خمس خصائصBathelot, 2016 )   (. وأضاف لها البعض خاصية المرؤوئية لتصبح ست خصائص  )  Marketplace, 2016  (، أي جعل تمثيلها مرئيّا.

 بصرف النظر عن عدد هذه الخصائص، يؤكد توظيفها في البحث العلمي على أن البيانات الضخمة ستفعل بالبحوث الاجتماعية، ما فعلته " الفوردية"-  نسبة "جون فورد" مالك شركة صناعة السيارات- في عالم الصناعة، نتيجة تنظيم العمل وإعادة تقسيمه أفقيا وعموديا وزيادة الإنتاج( Boyd , Crawford,2011) والتي امتدت إلى عدة قطاعات من النشاط الإنساني. والسؤال المطروح يتمثل في النظرة إلى الإضافة التي قدمتها هذه " الفوردية" الجديدة للبحث الإعلامي.

قوة المناهج الحاسوبيّة:

إن ضخامة البيانات المتعلقة بالممارسات الإعلاميّة المختلفة في البيئة الرقميّة تجعل الاعتماد على العُدّة التقنيّة الرقميّة لجمعها وتحليلها أمرا ضروريًّا. وبفضلها يستطيع الباحثون تسليط الضوء على الظواهر الإعلاميّة والتعبير عنها بطريقة غير مسبوقة. فعلى سبيل المثال، إن التمثيل البياني للسرعة، كمتغير حديث في دراسة الميديا الرقميّة، ونمذجته الرياضيّة يثري البحث ويسمح بمعالجة موضوعات الإعلام والاتصال من زاوية كانت مفقودة في البحوث التقليديّة. 

ويعتقد بعض الباحثين أن المناهج الحاسوبيّة أكثر دقة وموضوعيّة في قياس الظواهر المدروسة وذلك لأنهم يربطون كميّة البيانات المستقاة بتمثيل الواقع المدروس بشكل يكاد يكون متطابقا معه. ففي هذا الإطار يرى الباحثان "توماسو فنتريني" و"جون فيليب كونتت" بأنّ حجم البيانات الرقميّة تملك من الضخامة قدرا كافيا " لاحتواء" الواقع وتمثيله بطريقة فاعلة)  , cointet, 2014, 9-21  Venturini (.  وبهذا تستطيع المناهج الحاسوبية أن تتجاوز المآخذ التي أخذت على البحوث التقليديّة في مجال الإعلام والمتمثلة في عدم اكتمال إطار المعاينة الذي يترتب عنه عدم اكتمال مجتمع البحث، وضعف العيّنة المختارة في تمثيل مجتمع البحث. ويمكن للمناهج الحاسوبيّة أن تتغلب على هذه النقائص لأن خاصيتي الحجم والتنوع للبيانات تحل محل الكمال والتمثيل في البحوث التقليديّة  (  Boullier, 2015, 19-3  ( .

وتستطيع المناهج الحاسوبيّة أن تقدم صورة جدا دقيقة، تتضمن الكثير من التفاصيل عن ممارسات الجمهور- المستخدمين. والسبب في ذلك لا يعود إلى ضخامة البيانات التي يمكن جمعها عنهم، بل لابتعادها عن البيانات المصرح بها والتي توفرها عمليات استطلاع الرأي والمقابلات. فهذه المناهج "تعري" المستخدم إن صحت العبارة، وهي تقتفي آثاره في شبكة الانترنت ومنصاتها لأنه لا يستطيع أن يمحى كل الآثار الناجمة traçabilité La عن استخداماته الرقميّة. وتستمد المناهج الحاسوبية جزءا من أهميتها من الاختلاف في الهوية التي يصرح بها المستخدم طمعا في مال المعز أو خوفا من سيف الحجاج أو سهوا، والهوية الفعلية التي يمارسها في شبكة الانترنت. ونزعم أن الاختلاف بين الهويّة المصرح بها والهويّة الممارسة في الحياة اليوميّة الفعليّة أو الافتراضيّة تعود لأسباب ثقافيّة ونفسيّة في مجتمعنا تعبر عنها الخشية من نظرة الغير وتختزلها عبارة: ماذا يُقال عنا؟

يعتقد أن تحويل الظاهرة المدروسة إلى جملة من الإحصائيات والخرائط والرسوم البيانية تضفي الطابع الموضوعي على البحث العلمي في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة لكونها تستغني عن الحقائق اللسانية التي تشوبها الذاتية. وتعطي، في نظر البعض، مشروعية علميّة لهذه المناهج، ويمكن أن تحقق طموح الكثير من الباحثين الوضعيين الذي سعوا ويسعون إلى تقرّيب العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة التي توصف بالرّخوة من العلوم الطبيعيّة التي توصف بالصلبة. فعالم الاجتماع الفرنسي ريمون بودون يعتقد بأن اعتماد العلوم الاجتماعيّة على لغة الرياضيات يمنحها النضح العلمي (Boudon), 1971,7  وبالتدريج تم التخلي عن كلمة الرياضيات واستبدلت بالإحصائيات، ونشهد حاليا استبدالهما بمصطلح الغرافيك  Le graphique. ومن هذا المنظور ندرك أن المناهج الحاسوبية تسعى إلى جر علوم الإعلام والاتصال، التي تُعرف بأنّها علوم تأويلية تسعى إلى استخلاص المعنى، للالتحاق بالعلوم التجريبيّة التي تروم استخلاص القواعد والتنبؤ بتطورات الظواهر الإعلاميّة والاتصاليّة التي تدرسها.

ونظرا لكونها وليدة حاجة السوق، وسخرت لخدمة متطلبات الشركات لمعرفة سلوك المستهلكين، اكتسبت المناهج الحاسوبيّة الطابع الإجرائي أكثر من التفسيري، أي أنها تتوج، في الغالب، باتخاذ القرارات والشروع في الفعل، فالخرائط والرسوم البيانيّة والمجسمات ذات بعد استكشافي تحدّد اتجاهات التحول وتبيّن السمات التي يعتمد عليها لإجراء المقارنات.

وبفضل وفرة الكثير من البرمجيات والتطبيقات في شبكة الانترنت ومنصاتها الرقميّة التي تجمع البيانات وآثار الممارسات في الفضاء الافتراضي " تدمقرطت" المناهج الحاسوبيّة، إذ أصبحت في متناول المؤسسات والشركات توظفها لقياس صدى نشاطاتها والاطلاع على مكانتها وصورتها لدى الزبائن والمستخدمين لتعزيز علاقاتها بهم .

لقد تملّكت علوم الإعلام والاتصال هذه البرمجيات والتطبيقات وسخرتها للكشف عن الكثير من الجوانب في الممارسة الإعلاميّة والاتصاليّة، بدءًا  بعدد زوار مواقعها في شبكة الانترنت وتقديم بورتريهات عنهم  Portraits، وأماكن تواجدهم، والوقت الذي يصرفونه في التصفح، وأشكال تفاعلهم مع المحتويات الرقميّة، ومصادر هذه المحتويات، مرورا بالتغيير الذي طرأ على بنية المحتويات وروابطها الرقمية، والموضوعات الأكثر انتشارا في مواقع التواصل الاجتماعي، والهشتاغات  Hachtagالأكثر متابعة في المواقع، وصولا  إلى الميتابيانات  Metadonnées التي تتضمنها الصور والفيديوهات المنشرة في شبكة الانترنت.

لا ينظر بعض الباحثين بعين الرضا إلى هذا الاستخدام لمناهج البيانات، ولا يرون بأن هذه البرامج والتطبيقات " تدمقرطت"، بل يعتقدون بأنها " تخصصت" ) ( Marres, 2012, 139–165 ، بمعنى أنها لم تعد حكرًا على مخابر الشركات العملاقة المختصة في المعلوماتية، حيث  أصبح إنجاز بحث إعلامي وفق المناهج الحاسوبيّة في متناول أي كان إن أحسن استخدام العُدّة الرقميّة. وهذا الأمر قد يؤدى إلى الاستغناء عن مراكز البحوث في حقل العلوم الاجتماعية والإعلامية الأكاديمية التي تعاني أصلا من قلة الطلب الاجتماعي عليها وإن كان متفاوتا من بلد إلى أخر.  ويجعل الباحثين في حقول الإعلام والاتصال يواجهون تحديًّا كبيرًا، إذ أصبح المطلوب منهم تطوير أساليب البحث وتقديم إضافات تعجز المناهج الحاسوبيّة عن تقديمها.

نموذج من المناهج الحاسوبية.

لتوضيح خصوصية المناهج الحاسوبيّة، نتوقف عند احدى الطرق التي تعتمد على طريقة التحليل النصي بواسطة إحدى البرمجيات الحرة: Iramuteq - سنشرحه لاحقا.

في إطار مشروع بحثي مشترك فرنسي-ألماني قام ثلاثة باحثين بالبحث عن الطريقة التي تعالج بها الصحف الفرنسيّة مسألة المخدرات متسائلين عن موضوعاتها، وعن "جغرافية المخدرات" من خلال تحليل مضامين الصحف؛ أي الفضاءات التي تتحرك فيها المخدرات والممارسات السياسية ذات العلاقة بها، وتمثّلات الأماكن التي تجري فيها هذه الممارسات Jauffret-Roustide, 2021)  , Le Campion Comelli,  ( .ويزعم أصحاب البحث أن مقاربتهم لهذا الموضوع مبتكرة وقليلة الاستخدام في دراسة المخدرات Drug Studies. إنها تتمثل في القياس النّصّي textométrique للصحافة وتحليلها من أجل استكشاف الأبعاد الجغرافية للمخدرات.

في البداية شرع الباحثون في اختيار عناوين الصحف التي يدرسونها. فانتقوا خمس صحف يومية وطنيّة، وصحيفتين جهويتين بناءً على المعايير التالية: عدد النسخ التي تسحب، وتنوع الخط التحريري، والاهتمام بموضوع البحث، أي المخدرات. وغطى البحث فترة السنوات الخمس التي سبقت تاريخ إنجازه) مارس2018(. وانتقل الباحثون بعدها إلى استخراج المواد الإعلاميّة التي تناولت موضوع المخدرات من بنك المعلومات Europresse  وقد بلغ عددها 10 آلاف مادة صحفيّة.  ثم انتقل الباحثون إلى معالجة البيانات النصية بواسطة برنامج Iramuteq، وهو برنامج حرّ، أي يمكن استخدامه مجانا وتعديله وتطويره وفق خصوصية كل بحث. وتم تشغيله وفق الطريقة المعروفة باسم Alceste،[5] حيث تم تشكيل قائمة من المفردات التي تنتمي إلى المجال المعجمي للمخدرات وتضم: - الأسماء العامة التي تحدد المنتجات (مثل المخدرات ، وعقاقير الهلوسة..(-  أسماء محددة للمنتجات المصنفة كمخدرات (مثل: الكوكايين ، القنب ، الكراك ، إلخ)-  أسماء الأماكن التي يجري فيها الاستهلاك (قاعات استهلاك المخدرات الأقل خطورة ، قاعات الحقن ، وقاعات تدخين السجائر المحشوة بالمخدرات)- وأشكال العلاج- والممارسات المقلّلة من خطر استهلاك المخدرات. أما على الصعيد النحوي، فقد تم الاعتماد على الأفعال، والنعوت، والحال، والأسماء الشائعة. ويكمن الغرض من هذا التصنيف والقياس الإحصائي في استخراج طبقات الخطاب الصحفي.

تم جمع المقالات الرقمية المدروسة المكتوبة في صيغة HTML في ملف واحد Comma-separated - values  ) جدول في صيغة  Excel  ( وفق المتغيرات التالية: المصدر، التاريخ، العنوان، الكاتب . وتم تحويل هذا الملف إلى قالب نص TXT حتّى يُنقل إلى برنامج Iramuteq   حتى يتمكن من تحويله إلى خريطة من الكلمات السحابية التي تقدم الفكرة الأولية عن المعالجة الإعلامية لمسألة المخدرات في الصحافة اليوميّة الفرنسيّة. وتسمح قراءة هذه الخريطة بالإجابة بسرعة عن الأسئلة الأولية التالية: ما هو الموضوع؟ عما نتحدث الصحف؟ وكيف نتحدث عن موضوع المخدرات؟ وفي أي مكان تستهلك؟.

حدود المناهج الحاسوبيّة:

من الطبيعي جدًّا أن تعرض هذه المناهج إلى نقد، بل معارضة الباحثين الذين لا يكنون الود للتكنولوجيا الرقميّة إن لم يكونوا معادين لها. لكن النقد الذي طالها لا يتعلق بجانبها الإجرائي الذي يتطلب قدرا من مهارات التعامل مع برامج المعلوماتية، والاستعانة بخدمات المختصين في تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات الرقميّة، بل ارتبط بأسسها الفكرية والابستمولوجية والأخلاقية التي يمكن التطرق إليها من خلال النقاط التالية:

1- البيانات ليست مرادفا للمعارف:

يرى الكاتب والإحصائي نسيم طالب بأن البيانات الضخمة تحمل الكثير من المعلومات لكن هذه المعلومات تعتبر بمثابة إبرة وسط كومة قش كبيرة جدا)    نقلا عن ستیفنز – دافیدوتس، 39(. ولا ترى الباحثة إيغلونتين سميث في أطروحتها الجامعية أن بمقدور أدوات البيانات الكبرى إنتاج المعرفة، بل بإمكانها المساهمة فيها فقط. " فامتلاك ذاكرة للتخزين المعلوماتي وآلات حاسبة متفوقة، وبرمجيات لمعالجة الصورة، كلها لا تكفي لإنتاج المعارف. إنها تشكل امتدادا للحاسبات اليدوية أو الإلكترونية القديمة التي كان الباحثون الكميون يعتمدون عليها في السابق لجمع البيانات واستخراج النسب المئويّة. فما تقدمه البيانات الضخمة يجب أن يسيّق، ويؤول، ويدرج في إطار بروتوكول البحث حتى يكتسب دلالة علمية"  ,2018 )  Schmitt (. ففي هذا الإطار يمكن القول إن الآثار التي تجمع وتحلّل لا تتساوى وبالتالي لا تملك الدلالة ذاتها. فالنقر على أيقونة الإعجاب بمنشور ما لا يتساوى مع تعليق صوتي أو مكتوب على المنشور ذاته. وهذا التعليق لا يعادل هو الأخر المشاركة في إنتاج المنشور ذاته. " وكتابة مقال مطول في مدونة إلكترونية لا يعادل أو يتطابق مع لكز صديق في موقع التواصل الاجتماعي. إذا لا جدوى من التسابق في جمع أكبر عدد من الآثار التي يتركها مستخدمو شبكة الانترنت ومنصاتها لدراستها)     Smyrnaios, Rebillard, 2011 ، Marty ( فالتكميم في بعض الحالات مُضيع للمعنى. مثل تكميم "الإيموجيات"،Emoji التي تتسم بشدة التصاقها بثقافة المجتمع. هذا بصرف النظر عن القول أن توظيف مستخدمي شبكة الانترنت ومنصتها لبعض "الإيموجات" لا يتم دائما بوعي لدلالاتها التي ظهرت في الثقافة اليابانية. 

تأسيسا على ما سبق ذكره هل يمكن تحمّيل هذه النقائص للبيانات الرقميّة فقط؟ للإجابة عن هذا السؤال يقول الفيلسوف ميكائل بنسياغ : )إن الخطأ يكمن في التكنولوجيا الرقميّة : فالخوارزميات ذات التعلم الذاتي auto-apprenants وجدت خارج أي معنى. إنها تتبع منطقا " غير سيميائي"، أي مجردا من المعنى لكونها تطبق في كل المجالات وعلى كل شيء! إنها الآلة التي تنجز العقلانية الفائقة التي لم نكن قادرين على تحقيقها! ) نقلا عن   ,2019 Guillaud  (.

المناهج الحاسوبيّة وموضوعيّة البحث:

 يزعم البعض بأن هذه المناهج الحاسوبيّة تقضي على مسالة تمثيل مجتمع البحث لأنها لا تكتفي بدراسة عيّنة منه بل تدرس كل مفرداته، وبهذا تكون أكثر موضوعيّة لعدم سقوطها في التحيز الذي قد ينجم عن اختيار عينة البحث. يمكن اعتبار هذا القول صحيحا نظريا، لكنه لا يصمد في اصطدامه بالواقع. لأن كمال المجتمع الذي تدرسه هذه المناهج غير متاح في بيئة الواب؛ بمعنى أن الآثار التي يتركها المستخدمون هي سيل متدفق لا يمكن إيقافه. وما يتلقط للدراسة وفق هذه المناهج يعتبر عينة بهذا القدر أو ذاك.

تجرى البحوث الحاسوبيّة في ظل الولع بالقياس الكمي، والتوجه لإحلال الأرقام محل الحكم الشخصي. الذي يُفهم دائما بأنه ذاتي، وموجه من قبل صاحبه، بينما من المفترض أن تقدم الأرقام والقياس معلومات مؤكدة وموضوعية )  ( Muller,2018,4  تثبت بالتالي موضوعية البحث.

إن ربط الموضوعيّة بالإحصاء هو اختزال مخل بإشكاليتها في العلوم الاجتماعية والإنسانية التي ظلت موضع سجال منذ صدور دراسة ماكس ويبر : " موضوعية المعرفة في العلوم والسياسات الاجتماعية" في 1904. فالموضوعية لا تعني الحياد، بل ما يميز صحة المعرفة وصدقها. وليست مرادفا للحقيقة، فمثلما يقول إبراهيم واترا )   ,91-128 2017 (أنه يمكن لسرد ما أو نظرية معينة أن تكون " موضوعية" دون أن تعبر بالضرورة عن الحقيقة. ونعني بذلك أنها تستند إلى مجموعة من الوقائع والملاحظات الحقيقية التي يمكن بلوغها، والتحقق منها. وأنها متسقة مع المعرفة النظرية المتاحة في ذلك الوقت. لكن قد يتضح مع الوقت أنها خاطئة.  

إذا، إنّ الأرقام والاحصائيات أدوات غير محايدة لأنها لا تقيس في آخر المطاف، بل تشكل واقعا مما تقيسه[6]. هذا ما تؤكده أدوات البحث التقليدية، مثلما بيّن ذلك عالم الاجتماع الفرنسي، بيار بورديو، في مقاله المرجعي: الرأي العام غير موجود" ويقصد به أن بحوث استطلاع الرأي لا تعبر عن رأي قائم  وتسعى إلى قياسه بل تحاول إنتاج رأي عام قد يكون غير موجود أو ليس بالضرورة كما تتصوره.) بورديو، 1995، 241-252.).

2- المناهج الحاسوبيّة ومنطق السوق:

الكل يعلم أن المناهج الحاسوبيّة تعتمد على البيانات التي توفرها المواقع في شبكة الانترنت أو المنصات الرقميّة ومقدمو خدمات الهاتف والانترنت. وهذا يعني أن هذه الأخيرة توفر بعض البيانات مجانا، وتعرض أخرى للبيع، وتحجب الكثير منها عن الاستخدام العام أو التجاري. وبهذا فإنها تتحكم في هذه البيانات. وإن تملّكت هذه المناهج مجموعة من محركات البحث، وتطبيقات وبرامج رقميّة فإنها لا تفلت من تأثير أصحابها الذين يوجهون، بهذا القدر أو ذاك، استخدامها لأن هذه العُدّة وجدت أصلا لتلبية حاجات السوق، مثلما ذكرنا آنفا، ومن أجل تطويرها تقنيا أو للمشاركة في نظام الرقابة على المستخدمين  2018,139) Proulx, Rueff  (. وحتىّ وإن ابتكرت هذه البحوث برامج وتطبيقات خاصة بها فأقصى ما تقدمه هو تصنيف البيانات وتمثيلها بصريًّا، مثل الكلمات والموضوعات الأكثر تداولا في الميديا الاجتماعية، وعدد الرسائل القصيرة المرسلة ومواضيعها وتوزيعها الاجتماعي والجغرافي، وتكرار تداول صور المرشحين أو برامجهم في الحملات الانتخابيّة على سبيل المثال، وعدد زوار موقع معين في شبكة الانترنت وانتشارهم الجغرافي أو الكلمات أو الشخيصات التي بحث عنها أكثر في محركات البحث، مثل غوغل، وغيرها من المواضيع، وتنتهي بالكشف عن الاتجاهات.  بالطبع كل هذا مفيد جدا لكنه يظلّ في اعتقادنا ناقصا لأن البيانات بحاجة إلى تسييق وتأويل حتى تُفهم.  ولتوضيح أهمية السياق في دراسة الميديا يمكن إيراد المثال التالي: يذكر الفيلسوف الإيطالي أنبرتو إيكو  ) 2010، 87 (  ، الذي اشتغل في الصحافة الإيطالية، أن هذه الأخيرة كانت تستخدم لغة مسننة عن قصد في ستينات القرن الماضي وسبعيناته ليس بغرض إعلام القراء كما تقتضي المهنة ذلك، بل من أجل إرسال رسائل مشفرة إلى لوبيات في السلطة. فجعلت القراء مجرد وسيلة فقط لأن اللغة المشفرة لا تفهمها سوى أقلية في ردهات البرلمان. أما الشعب فلا يفهم منها أي شيء.  فعملية جرد تواتر كلمات هذه اللغات وموضوعاتها وتمثيلها مرئيا في شكل خرائط تكون ذات عائد معرفي ضعيف إن لم تأول في سياق الصراع على السلطة بين اللوبيات في إيطاليا في العقدين المذكورين.

إن المناهج الحاسوبية لا تتكبد في الغالب مشقة تأويل البيانات ممّا يدفعها في الغالب  إلى " مزجها" وتجرّيب كل ترابطاتها إلى غاية الحصول على نتيجة ذات دلالة إحصائية دون شرح أو تفسير ضروري , 2018-139) Proulx, Rueff  ( . فكثرة البيانات يمكن أن تتيح كل الترابطات التي " تشع في كل الاتجاهات مما تؤدي بالباحثين إلى الوقوع في نوع من الاستسقاط l’apophénie[7]  الذي اتكأت عليه الباحثتان "دانا بويد" و"كيت كرافورد" في نقدهما للبيانات الضخمة في مقالهما الناقد ذي العنوان الاستفزازي.[8]

تأسيسا على ما سبق تلتحق المناهج الحاسوبيّة بالدراسات الكميّة التي طبقت في البحوث التقليديّة والتي تشرع في القياس أولا ثم تفكر فيما قاسته. ولا تستعين بالأطراف الفاعلة في موضوع البحث لتشاركها التفكير فيما قاسته، مثلما يؤكد ذلك التراث البحثي في العلوم الاجتماعية والإنسانية. وهنا تكمن خشية البعض من توجه هذه المناهج إلى الاستغناء عن العنصر البشري في انجاز البحث، فيترك برمته للآلة الرقمية وما على الباحث سوى استلام النتائج. فمن هذا المنظور تعد المناهج الحاسوبية نسخة جديدة البحث الأمبريقي المجرد من النظام التفسيري السببي، بمعنى أنها لا تبحث عن العلاقات السببية بين المتغيرات، ولا ترى ضرورة للاهتمام بها.

إذا، الخوف على مصير البحث العلمي على يد المناهج الحاسوبيّة لا يقتصر على الاستغناء على البشر، وتوكيل الذكاء الاصطناعي للقيام به بدل عنهم، بل يمكن أن يقوض أسس المعرفة العلمية في مجال الإنسانية والاجتماعية، والتي ترسخت في الممارسة وفق التسلسل التالي: " مزج البيانات، أي الآثار التي تمت ملاحظتها في الواقع المدروس، ثم تحويل البيانات إلى حجج تحمل أفكارا عامة تنقل إلى الغير. فالعلم في هذا المستوى، هو مسار من التعميم الذي ينتقل من الأحداث إلى إنتاج الأفكار" ) هووارد سول بيكر نقلا عن Didie، 2018(

3- كل ما سبق عرضه عن حدود المناهج الحاسوبية هو تمهيد للوقوف على الرأي القائل بأن استخدام هذه المناهج يعفي الباحثين والبحوث الإعلامية من الاتكاء على إي خلفية نظرية. وأبرز منافح على هذا الرأي هو الكاتب "كريست أندرسن" الذي دعا إلى الاستغناء عن النظريات في مقاله المشهور: " نهاية النظرية، طوفان البيانات جعل المنهج العلمي مهجورا" . ويبرّر ذلك بأن حجم البيانات يغنينا عن الحاجة إلى معرفة لماذا يقوم البشر بما يقومون به. فالمهم بالنسبة إلينا أنه يمكن اقتفاء أثر ما يقومون به وقياسه بدقة وأمانة غير مسبوقة. والكم الكافي من البيانات يتحدث بذاته ولا يتطلب التوقف عن البحث عن نماذج. ويمكن بلوغ ما نبحث عنه دون اللجوء إلى الفرضيات. فيكفي أن نرمي بالبيانات إلى الحاسبات الفائقة التي لم يعرفها العالم من قبل، ونتركها للخوارزميات لتعثر على الظواهر التي يتعذر على العلم بلوغها)   Anderson, 2008  (.

تؤكد هذه الدعوة إلى دفع المناهج الحاسوبية للتموقع الابستمولوجي في موقع الدراسات الكمية، إذ تؤمن، بشكل عملي، أن موضوعات البحث توجد دائما جاهزة ولا تتطلب من الباحث سوى قياسها وليس بناءها. وعملية بناء موضوع البحث ليس عبارة عابرة، بل تملك ثلاثة أبعاد تأسيسية للبحث، إذ أنها تحيل أولا إلى التخصص المعرفي، إذ يقال، في الغالب أن كل تخصص علمي يبنى موضوعه. وتشكك  ثانيا في المظاهر التي يكتسيها موضوع البحث كما تبرزها الممارسات المؤسساتية والاجتماعية بصفة عامة، ويدل ثالثا  على المقاربة المنهجية التي يتبناها الباحث في معالجة الموضوع 29 )  Pires  , 2007,  (

4- تبدو المناهج الحاسوبية محرومة من البعد التاريخي الذي يمكن أن يساهم في تسليط الضوء على الموضوعات المدروسة، وذلك لأن مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك وتويتر، التي تعد من المصادر الأساسية للبيانات الضخمة، لا توفر سوى البيانات الآنية، وتلك التي جرت في الماضي القريب والمرتبطة بأحداث معينة. وإمكانيات هذه المواقع في الأرشفة المتاحة للغير محدودة)   Anderson, 2008  ( . وبهذا يصعب على المناهج الحاسوبية استغلال الآثار الرقميّة الموغلة في القدم.

فهل هذا الأمر يسمح لنا بالقول بأن المناهج الحاسوبية غير تاريخية؟ ولو تجاوزنا مسألة التاريخ ونظرنا إلى الحاضر فهل عزوف هذه المناهج عن تأويل نتائج البحث والانصراف عن استقاء استقراء المعنى مما يقوم به الفاعلون في الظواهر التي تدرسها كفيل بجعل النظرية زائدة دودية في البحث أم أنها توهم الباحثين فقط بأنهم فعلا في غنىً عن أي إطار تفسيريّ للنتائج التي توصلوا إليها؟

نعتقد أن الزعم بعدم الاعتماد على نظرية هو في حقيقة الأمر التزام عملي وضمني بالنظرية. فلو اقتصرنا فقط على التحليل النصي في بحوث الإعلام. فإن طرح أسئلة البحث والاستعانة بالمفاهيم لا تأتي من فراغ، بل يستمد ضمنيًّا، بهذا القدر أو ذاك، من نظرية  معينة تؤثر على تحليل النص الصحفي وتوجهه. والفرق الوحيد أن المناهج الحاسوبيّة لا تذهب إلى أبعد مما تظهره الجداول والرسوم البيانية والغرافيك. وبهذا تعزّز النزعة الامتثاليّة في علوم الإعلام والاتصال وتدعم عقلانيتها الأداتية. فتساهم بفاعلية في تعميق أزمة بحوث علوم الإعلام والاتصال التي لخصها الباحث "ألكس ميتشيلي" في قوله: على الصعيد النظري لم يستطع أحد أن يستخلص بأن هذا المبدأ أو هذه النظرية صالحة في البحث، ويُثبها أو يقوم بتفنيدها بناءً على نظام معرفي. فأغلب بحوث الإعلام والاتصال تبدو وكأنها تجري في فراغ ابستمولوجي ونظري )  Mucchielli, 1996   (.

5- إن الرهانات الأخلاقية التي تطرحها المناهج الحاسوبيّة تكمن في جمع البيانات عن الهيئات والأشخاص دون إذنهم، وحتى علمهم، بما فيها البيانات التي تمس حياتهم الخاصة والحميميّة. وهذا يعدّ اختراقا للحق في الخصوصية.  فملاك المنصات الرقميّة في شبكة الانترنت لم يترددوا في تحويل سلوك المستخدمين إلى سلعة، بدليل أن موقع الفيسبوك أجرى تحديثا على خوارزميات موقعه في 2018  لمنح الأولية في شريط أخباره للمبادلات الشخصية المتعلقة بالحياة الخاصة لمشتركيه على حساب نشر وإعادة نشر محتويات وسائل الإعلام.  وهكذا فكل تغيير في خوارزميات المواقع والمنصات الرقمية يؤثر على آليات جمع البيانات التي تعتمد عليها المناهج الحاسوبيّة.

الخاتمة:

لا يجب أن يفهم من كل ما سبق ذكره الدعوة إلى الاستغناء عن المناهج الحاسوبيّة ناهيك عن معاداتها. ففي العصر الذي أصبح القسم الأكبر من تواصل البشر، وتداول المنتجات الإعلاميّة والثقافيّة يتم بواسطة العُدّة التكنولوجيّة الرقميّة لا يستطيع البحث العلمي الإعلامي أن يُفَرِّط في هذه العُدّة التي أصبحت الأداة الفضلى للولوج إلى الفضاء الافتراضي، ومتابعة آثار المستخدمين للكشف عن العالم الذي يصنعونه بممارساتهم المختلفة في البيئة الرقميّة. ويمكن تجاوز حدود هذه المناهج سواء بإضافتها إلى المناهج التقليديّة أو بدفعها إلى تعزيز المناهج الأخرى التي ظهرت في السياق الرقمي، مثل المناهج الافتراضية ) إثنوغرافيا الواب( أو المناهج الرقميّة Digital Methods. ففي نظر بعض الباحثين إن هذه المناهج الأخيرة جاءت لتكمل نقائص المناهج التقليديّة والحاسوبيّة.

أما الفكرة التي مفادها بأن التعاطي مع البيانات الضخمة يقضى على الحاجة إلى النّظريّة لتعميق فهمنا للظواهر الإعلاميّة والاتصاليّة المدروسة فإنها تحتاج إلى مراجعة. لقد بينت مختلف المناهج التي ظهرت في السياق الرقمي أو تطورت في ظله إننا بحاجة إلى نظرية ضخمة Big Theory   ) , 2014 Crutchfield  (لرفع التحدي المعرفي في معالجة البيانات الضخمة Big Data. كما أننا بحاجة إلى تعدّدية منهجيّة لدراسة هذه البيانات وتحليلها. فالكثير من الباحثين ما انفكوا ينسبون أزمة العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، بما فيها علوم الإعلام والاتصال، إلى أزمة المنهج. لأن الأحادية المنهجية أصبحت تقترن بالانغلاق الفكري والدوغماتية .

المراجع:

باللّغة العربيّة:

  1. أمبرتو  إ )  2010 (: دروس في الأخلاق، ترجمة سعيد بن كراد، المركز الثقافي العربي، المملكة المغربية.
  2. بورديو .ب )  1995 (: أسئلة علم الاجتماع حول الثقافة، والسلطة، والعنف الرمزي، ترجمة إبراهيم فتحي، دار العالم الثالث.
  3. سبيلا. م ، الهرموزي. ن )  2017 (: موسوعة المفاهيم الأساسية في العلوم  الإنسانية والفلسفة  المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، المغرب
  4. ستیفنز – دافیدوتس. س )  2017 ( : الكل يكذب، البیانات الضخمة، والبیانات الحديثة وقدرة الإنترنت على اكتشاف الخفايا، ترجمة أحمد الأحمري، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2017
  5. ميلات. م، و ميليروند. ف ، وميلز. د، وتوث لازكو. غ ( إشراف) )  2021 (:  مناهج البحث في السياق الرقمي، توجه كيفي،  ترجمة نصر الدين لعياضي، قيد النشر

 

المراجع باللغات الأجنبية

1.     Bathelot. B (2016) : 5V du big data 01/12/ Consulté le 10 Novembre 2021. https://www.definitions-marketing.com/definition/5v-du-big- data

2.     Boudon, R. (1971) Les mathématiques en sociologie, Paris, PUF

  1. Bouillier. D (2014) sociologie du numérique, 2ém édition, Armand Collin.
  2. Boullier. D (2015) :  Vie et mort des sciences sociales avec le big data, La nouvelle revue des sciences sociales, N0 4. P P19-37. Consulté le 10 Novembre 2021.https://doi.org/10.4000/socio.1259
  3. Bourdeloie H (2013) : Ce que le numérique fait aux sciences humaines et sociales », tic&société Vol. 7, N° 2, 2ème semestre. Consulté le 10 Novembre 2021. DOI : 10.4000/ticetsociete.1500
  4. Boyd. D, Crawford K (2011) : Six provocations à propos des big data, Traduction de Laurence Allard, Pierre Grosdemouge et Fred Pailler, Symposium, « Une décennie avec internet », Oxford Internet Institute, le 21 septembre 2011, InternetActu, 23 Septembre. Consulté le 2 Novembre 2021. https://urlz.fr/gJoS

7.     Comelli .C, Le Campion.G et Jauffret-Roustide, M (2021) « Le traitement médiatique des drogues dans la presse quotidienne française (2013-2018) », EchoGéo N057. Consulté le 05 novembre 2021. http://journals.openedition.org/echogeo/22277

  1. Crutchfield. J P. (2014):  The dream of theory, Wires Wiley Interdisciplinarity review, Volume 6, Issue 2, March/April, PP 75-79. Accessed , November 15, 2021.https://doi.org/10.1002/wics.1290
  2. Didie. E (2018) : La preuve sociologique, le 30 mai, Revue la vie des idées, Consulté le 15 Novembre 2021. https://laviedesidees.fr/IMG/pdf/20180530_didierbecker.pdf
  3. Guillaud. H (2019) : Défaire la tyrannie du numérique ? Internetactu.net du 23/10. Consulté le 14-11-2021.http://www.internetactu.net/2019/10/23/defaire-la-tyrannie-du-numerique/
  4. Hine.C ( 2005) :Virtual Methods Issues in Social Research on the Internet , Berg.

12.Marketplace (2016) : Lumière sur… les 6V du Big Data du 9 septembre. Consulté le 10 Novembre 2021. https://www.e-marketing.fr/Thematique/data-1091/Breves/Lumiere-Big-Data- -308562.htm

13.Marres. N (2012) : The redistribution of methods: on intervention in digital social research, broadly conceived  The Sociological Review, 60:S1. PP. 139–165  accessed September 5, 2021. DOI: 10.1111/j.1467-954X.2012.02121.x

14.Marpsat. M (2010) : « La méthode Alceste », Sociologie [En ligne], N°1, vol. 1.  Consulté le 12 novembre 2021. http://journals.openedition.org/sociologie/312

15.Marty. E, Smyrnaios N , Rebillard. F (2011). A multifaceted study of online news diversity: issues and methods : in RamÓn Salavería : Diversity of Journalisms, Proceedings of the ECREA Journalism Studies Section and 26 the International Conference of Communication ( CICOM) at University  of Navara, Pamplona 4-5 July

16.Muller Jerry Z :  The tyranny of metrics, Princeton University Press, 2018

  1. Mucchielli. A (1996) « Pour des recherches en communication », Communication et organisation N0 10. Consulté le 15 Novembre 2021. https://doi.org/10.4000/communicationorganisation.1877                         
  2. Ouattara, I. (2017). L’objectivité dans les sciences historiques : entre mythe, exigence et idéal. Regards interdisciplinaires sur l’histoire    Volume 48, numéro 2 , Université de Moncton,), Consulté le 21/11/2021.https://doi.org/10.7202/1061869ar
  3. Pires Alvaro (2007)  De quelques enjeux épistémologiques d'une méthodologie générale pour les sciences sociales”, Consulté le 20 Novembre 2021. http://classiques.uqac.ca/contemporains/pires_alvaro/quelques_enjeux_epistem_sc_soc/enjeux_epistem_sc_soc.html 
  4. Press. G (2013) : A Very Short History Of Big Data », Forbes,  may 9. Accessed November 9,2021.  https://www.forbes.com/sites/gilpress/2013/05/09/a-very-short-history-of-big-data/?sh=47117a765a18
  5. Proulx. S, Rueff.J (2018): Actualité des méthodes de recherche en sciences sociales sur les pratiques informationnelles, Centre des études sur les médias, Université Laval , Québec ,  Novembre

22.Savage, M. and Burrows, R (2007): The coming crisis of empirical sociology’, Revue of Sociology, vol 5, N0 41. PP 885–899 accessed November 9,2021. 0.1177/0038038507080443

  1. Schmitt. E (2018) : Explorer, visualiser, décider : un paradigme méthodologique pour la production de connaissances à partir des Big Data , thèse de doctorat en épistémologie, l’Université de technologie de Compiègne  Paris

24.Schmidt. S (2015) : Les 3 V du Big Data : Volume, Vitesse et Variété, Le Journal du Net, le 31-05. Consulté le 10Novembre 2021. https://www.journaldunet.com/solutions/analytics/1102057-les-3-v-du-big-data-volume-vitesse- et-variete/

  1. Stiegler B. (2014) : Pharmacologie de l’épistémè numérique », dans Stiegler B. (dir.), Digital Studies, Organologie des savoirs et technologies de la connaissance, Fyp Editions,
  2. Venturini .T, cointet. J P (2014) : Méthodes Digitales approches quali/quanti des données numériques , Réseaux n° 188. PP 9-21. DOI :10.3917/res.188.0009

الهوامش والإحالات:


[1] - الأمر يتعدى الجزائر ليشمل كل البلدان العربية تقريبا. فالنقاش في الفضاء الأكاديمي كان في الغالب خاضعا لمنطق المناهج، ولم يرتق إلى مستوى المنهجية التي نعتقد أنها تربط المناهج بالنظريات، وتضع البحث العلمي في قلب الابستمولوجيا هذا إذا استثنينا بعض الملتقيات أو المقالات التي طرحت مسألة العلوم الإجتماعية والإنسانية العربية أو الإسلامية التي نعتقد أنها تندرج في إطار انشغال أيدولوجي أكثر منه علمي.

[2] - نتجت هذه الخريطة عن إجراء مقابلات مع 24 باحثا ناطقا باللغة الفرنسية من علم الاجتماع والاتصال وعلم الادارة والذين مارسوا البحث في السياق الرقمي. فما أدلوا بها يمثل تجاربهم.

[3] - لأخذ فكرة عن  تحليل المتابيانات  يمكن الاطلاع على :

نتالي كزماجور : التحليل المرئي للواب: مقاربة الأدلة الجنائية لميتا بيانات الصور، منشور في ميلات. م، و ميليروند. ف ، وميلز. د، وتوث لازكو. غ ( إشراف) )  2021 (:  مناهج البحث في السياق الرقمي، توجه كيفي،  ترجمة نصر الدين لعياضي، قيد النشر ، ص 243-258

[4]   يستخدم مصطلح  الختم الزمني horodatage-  timestamping  - أنظر كيفية توظيفه في البحث التالي:

Larsson, Anders Olof :'Tweeting the Viewer—Use of Twitter in a Talk Show Context.  Journal of Broadcasting & Electronic Media 57(2), 2013, PP 135-152. Accessed November 3,2021.DOI:10.1080/08838151.2013.787081

-[5]  لشرح هذه الطريقة بشكل بسيط ومختصر يمكن القول أن هذه الطريقة ظهرت في 1979 على يد ماكس رينيت Max Reinert وتستعمل في العلوم السياسية والاتصال والإعلام والتسويق والتسيير واللسانيات.  وتتمثل هذه الطريقة في التحليل المفصل لمعجم عينة النصوص المختارة، ومنه يتم تشكيل قاموس الكلمات وجذورها اللغوية، ثم يتم تقطيع النص إلى مقاطع منسجمة تحتوى على عددا كافيا من الكلمات، ثم يتم تصنيف هذه المقاطع بتعيين تعارضاها القوي. وتسمح هذه الطريقة باستخراج طبقات المعنى التي تشكلها الكلمات والجمل الأكثر دلالة. وتمثل هذه الطبقات الأفكار والتيمات المسيطرة في عينة النصوص المدروسة التي تبرز في شكل رسوم بيانية وخطية.

Maryse Marpsat, « La méthode Alceste », Sociologie [En ligne], N°1, vol. 1,   2010, mis en ligne le 09 mai 2010, consulté le 12 novembre 2021.http://journals.openedition.org/sociologie/312

[6] -  هذا مأ أثبته عالم الاجتماع الفرنسي  ميشال كولون في مجال النشاط الاقتصادي، نقلا عن:

Paul du Gay and Michael Pryke  Cultural Economy Cultural Analysis and Commercial Life Sage Publication, UK , 2002 , P12

[7] - مرض إدراكي يُعرّفه الطبيب السويسري المختص في علم الأعصاب ، بأنه نوع من الإدراك التلقائي الذي يستخرج الدلالة  من ظواهر لا علاقة بينها.، أي منح معنى مخصوص للأحداث العادية والمألوفة من خلال إقامة علاقة بين الأشياء دون مبرر.

[8] -   العنوان هو: ست استفزازات بخصوص البيانات الضخمة، أنظر:

Danah B,  Crawford K, op cité

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال