تم القاء هذه المحاضرة في إطار اليوم الدكتورالي الذي نظمته فرقة البحث "أخلاقيات المهنة في الصحافة الإلكترونية في الجزائر في ظل الممارسة الإعلامية" و ذلك يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022.

البيئة الرقمية

الأستاذ الدكتور تمار يوسف.
لاشك أن الإنترنيت عبر محركات البحث المختلفة، أصبح من أكبر المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها أي باحث في عمله العلمي، فالمعلومات عبر الفضاء الأزرق، غزيرة و متنوعة إلى درجة أنها تطرح الكثير من التساؤلات حول مصداقيتها و صدق محتوياتها.
Here is no
doubt that the internet, through various search engines, has become one of the
largest sources that any researcher can rely on in his scientific work.
فقد
انتقلنا عبر الإنترنيت من مقولة "قلة المراجع" التي اعتدنا سماعها من
حين إلى آخر في السابق، إلى ضخامة المعلومات في العصر الحاضر، و هذا صحيح إلى حد
ما، فكثرة المعلومات حول موضوع ما، قد تخلق لدى الباحث توثر كبير و ارتباك في حصر
موضوع بحثه و التركيز على ما يفيد، و رغم ذلك فإن الاستغناء عن ما تطرحه الأنترنيت
من معلومات، أمر غير وارد حيث أصبح المنعرج الضروري لكل بحث علمي، و ذلك لما توفره
من تقنيات جعلت عملية البحث عن المعلومة أسرع، مع وفرت التنوع و التصنيف حيث نجد
كل المعلومات و في شتى المجالات، كما أنها تساعد الباحث في عملية تخزين المعلومات
و استرجاعها بكل سهولة و دقة.
لكن الإشكال في تعامل الباحث مع المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها من الفضاء الأزرق، هو في غربلة و تصفيت و تنقيت و التأكد من مصداقية ما يستقيه منها، فليس كل ما يُنشر عبر هذا الفضاء، صحيح و نقي من الناحية العلمية، خاصة إذا علمنا ما لعملية النشر فيه من سهولة حيث لا ضوابط و لا قيود على ذلك.
الإنترنيت مستودع ضخم للمعلومات العلمية.
عندما نقول أن الفضاء الأزرق مستودع ضخم من المعلومات المختلفة، فهذا لا يعني أن ينهال عليها الباحث كما يريد و بالكمية التي يريد، بل هناك أصول منهجية و قواعد علمية، لابد من الاقتداء بها حتى نقلل من هشاشة ما يتم جمعه منها، و لو أن طرق جمع البيانات و التأكد من صحتها و تهميش بياناتها في البحث العلمي، غير واضحة فلم يقف خبراء المنهجية على طريقة واحدة للقيام بذلك، يبقى الباحث وحده الحاكم الأساسي عليها، لكن مبادئها لا تخرج عن المبادئ المنهجية التي اعتدناها في جمع المعلومات من الحوامل التقليدية مثل الكتب و المجالات و الدراسات العلمية و القواميس .. و هي:
- ما هي البيانات التي تدل على مصدر المعلومة؟.
- من هو صاحب المعلومة؟ صحفي، باحث، طالب، إنسان عادي ..؟.
- هل المعلومة وحيدة في هذا الموقع أو هناك مواقع أخرى يمكن أن تكون مصدر آخر لها لتأكد من صحتها؟.
- ما هو عنوان المعلومة؟ متى ظهرت؟ ما هي صفحتها أو صفحاتها؟
يعني كل ما سبق، أن الباحث عن المعلومات هو الوحيد الذي يحكم عليها إن كانت تهمه أو لا؟، وإن كان لها علاقة بموضوع بحثه أم لا؟ ومدى صدقها ومصداقيتها؟، صحيح أن مثل هذه المتطلبات تحتاج أن يكون الباحث على درجة من الدراية العلمية لما يبحث فيه و عنه، لكننا نعتقد أن متطلبات البحث و أهدافه و إشكاليته، هي المحددات الرئيسية التي يستعين بها الباحث عند ولوجه الفضاء الأزرق للبحث عن المعلومة، بل لابد أن يكون كذلك لأن ضخامة و اتساع الفضاء الأزرق، تتطلب تحديد ما يريده الباحث منها.
ما طبيعة المعلومات العلمية التي يمكن أن يحصل عليها الباحث من الفضاء الأزرق؟.
و من بين أهم ما يمكن أن يصادفه الباحث عبر الفضاء الأزرق من أصناف المعلومات:
الكتب الإلكترونية Ebook، الدوريات والمجلات الإلكترونية، المؤتمرات المرئية عن بعدConférence virtuel ، شبكات التواصل الاجتماعي، اليوتوب و غيرها
طرق توثيق المصادر الإلكترونية المتاحة على شبكة الانترنت.
أولاً: المصادر الإلكترونية في شكلها الورقي.
و المقصود بها تلك المراجع (كتب أو مقالات في مجلات أطروحات علمية، قواميس)، التي تحتوي على كل البيانات التي تعودنا إيجادها في واجهات الكتب الورقية أو المجلات أو الأطروحات، و تكون عادة في شكل صور طبق الأصل للمرجع المطبوع، في هذه الحالة يمكن تدوين المرجع بالطريقة المعهودة في تهميش الحوامل التقليدية المطبوعة، أي اسم و لقب المؤلف، عنوان المرجع، مكان النشر، دار النشر، سنة النشر، صفحة المعلومة، فقط هنا لابد من ذكر البيانات الخاصة بالنشر الإلكتروني من رابط الموقع الإلكتروني URL المباشر للمصدر المعتمد في الدراسة وأخيرا تاريخ ولوج الباحث للموقع.
ثانياً: في حالة كتاب في نسخته الإلكترونية.
و المقصود بها، الكتب التي يتم عرض مضمونها إلكترونياً تختلف عن نسختها المطبوعة، لكن مضمونها واحد، في هذه الحالة، يمكن تهميشها على النحو التالي: اسم و لقب المؤلف. عنوان الكتاب. الطبعة إن وجدت. مكان النشر: دار النشر، تاريخ النشر. ص. الموقع الإلكتروني الذي عرضت فيه الوثيقة، تاريخ ولوج الباحث للموقع.
ثالثاً: مقال في دورية.
و المقصود بها تلك المقالات التي ينشرها باحثون في دوريات منتظمة، أو عبر مواقعها في الفضاء الأزرق، و هي تهمش وفق الطريقة التالية: إسم المؤلف. (عنوان المقال). اسم المجلة، العدد، تاريخ النشر، ص، الموقع الإلكتروني. تاريخ ولوج الباحث للموقع.
رابعاً: حالة الملتقيات والمؤتمرات.
و
هي كل التجمعات العلمية التي يناقش فيها الحضور موضوع معين، و يكون هؤلاء تحت
رعاية مؤسسة بحثية، أو مركز بحث، أو جامعة، أو جمعية ...
و في هذه الحالة، يمكن تهميشها على الشكل التالي: اسم المؤلف. (عنوان المداخلة)، اسم المؤتمر أو الملتقى، مكان الملتقى، الجهة المنظمة، تاريخ الانعقاد، ص، الموقع الإلكتروني، تاريخ الولوج.
و هكذا يمكن تهميش كل أنواع المصادر الأخرى التي يمكن أن يلتقي بها الباحث عبر الفضاء الأزرق بالطريقة السابقة و على نفس الشكل، و كما هو ملاحظ في الأمثلة السابقة، فإن هناك بينات لابد منها في كل مصدر يستقي منه الباحث معلوماته، أي المؤلف عنوان الوثيقة، مكان نشرها تاريخ نشرها سنة نشرها و تحديد عنوانها الإلكتروني، و في الأخير ذِكر التاريخ الذي ولج إليها الباحث، نقول كل ذلك لأن إلى حد الآن ليس هناك صبغة مشتركة بين الباحثين لتهميش مواد الأنترنيت، فهي مفتوحة للاجتهاد.
مجمل القول أن الفضاء الأزرق يبقى أكبر ملجأ للباحثين للبحث عن المعلومات و مستجداتها، فهو من حيث تقنياته أهم وأسرع نظام المعلومات إلى حد الآن، فقد يجد الباحث معلومات جد مثيرة لبحثه و يجعله يرتقي إلى درجة عالية من الدقة، كما يمكنه أن يكون سبب في فشله بالاعتماد على معلومات غير موثوقة أو مضللة أو ببساطة غير نافعة، و يبقى الباحث هو وحده الذي يحكم على طبيعة المعلومة و هو الوحيد الذي يقرر الطريقة التي تهمش بها.
و الله ولي التوفيق.