حقائق علمية عن أداء قناة الجزيرة القطرية.

 

حقائق علمية عن أداء قناة الجزيرة القطرية.

تم بتاريخ 21 جوان 2022، مناقشة مذكرة ماستر في كلية علوم الإعلام والاتصال تخصص سمعي بصري، جديرة بالانتباه في نتائجها وعلى أكثر من صعيد.

قناة الجزيرة
قنة الجزيرة

كان موضوع الدراسة "التناول الإعلامي لأداء الدبلوماسية الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية من خلال النشرة الإخبارية "الحصاد" لقناة الجزيرة القطرية ما بين 01 جويلية 2022 و 31 ديسمبر 2022"، و قد تم تحليل مجموعة من مضامين نشرات الأخبار لهذه القناة، و على وجه التحديد مضامين حصة "الحصاد" فيما يتعلق بالسياسة الجديدة التي تنتهجها الجزائر في دبلوماسيتها الخارجية، بخاصة إزاء القضية الفلسطينية التي يُفترض أنها أهم قضية عربية.

ما أثار انتباهنا في هذه الدراسة، أنها غطت فترة ممتدة ما بين 01 جويلية 2022 و 31 ديسمبر 2022، أي الفترة التي شهدت فيها الجزائر أهم حدثا سياسيا على المستوى العربي والعالمي، حيث انعقدت القمة العربية الواحد والثلاثون أو قمة الجزائر بتاريخ 1 و 2 نوفمبر 2022، وكما يعلم الجميع، أن هذه التظاهرة هي أهم مناسبة سياسية يجتمع فيها قادة وملوك وأمراء الدول العربية للحديث عن قضاياهم المصيرية، فهي إذن حدث غاية في الأهمية سياسياً و إعلامياً.

بعد التحليل الدقيق لمضمون حصة "الحصاد" بوسائل كمية وإحصائية ثم تفسيرية كيفية لا تجعل مجالا للشك، فقد لاحظت الدراسة، أن قناة الجزيرة القطرية ومن خلال مضمون هذه الحصة، تعاملت إعلامياً مع موضوع الدبلوماسية التي تنتهجها الجزائر، بنوع من السلبية الإعلامية المقصودة، و ذلك بناء على النتائج التي وصلت إليها الدراسة، و نحن إذ نطرحها هنا، للتمعن فيها والتعليق عنها:

-        فيما يخص المساحة الزمنية المخصصة للقمة العربية المنعقدة في الجزائر، فإن الدبلوماسية الجزائرية وجهودها، لم تحظ باهتمام كبير لدى قناة الجزيرة من خلال المدة الزمنية التي أفردتها له في نشراتها الإخبارية الرئيسية "الحصاد"، حيث قدرها التحليل،  بأقل من 25 دقيقة على مدار 06 أشهر من البث اليومي للنشرة، مقارنة بالأخبار الأخرى التي حظيت بمكانة أكثر أهمية، على غرار الأخبار المتعلقة بكل من الانتخابات الإسرائيلية والحرب في أوكرانيا وتداعياتها على كل الأصعدة، رغم الاهتمام الكبير الذي توليه قناة الجزيرة للقضية الفلسطينية منذ ظهورها على الساحة الإعلامية، كونها القضية المركزية الأولى في سياستها الإعلامية.

-        أثبتت الدراسة من خلال تحليلها لحصة "الحصاد"، أن قناة الجزيرة التي رفعت منذ البداية شعار "الرأي والرأي الآخر"، منحت حيزا غير كاف للدور الدبلوماسي الجزائري إزاء القضية الفلسطينية، حيث وصلت الدراسة إلى أن القناة تواصلت مع وزير الخارجية المغربي، دون التطرق إلى وجهات نظر أخرى عربية أو أجنبية، وذلك لتقزيم الدور الدبلوماسي الجزائري، و هذا ما يطرح الرأي و لكن لا يطرح الرأي الآخر شعار القناة.

-        فيما يخص ترتيب المواضيع في مضامين حصة "الحصاد" تأكدا للباحثتين أنه ترتيب غير منطقي ولا موضوعي، حيث جاء ترتيب القمة العربية والدبلوماسية الجزائرية في وسط نشرات 50 % منها، ففي نشرة 13 أكتوبر 2022 مثلاً، تطرقت المذيعة للموضوع في وسط النشرة، مسبوق بموضوع تشكيل الحكومة العراقية بعد انتخاب الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، كما عادت مقدمة نشرة 31 أكتوبر 2022 إلى خبر انعقاد قمة الجزائر في وسط النشرة أيضاً، وذلك بسبب تركيز القناة على بدأ التصويت في الكنيست الإسرائيلي، و موضوع أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية، والأمر ذاته ينطبق على النشرة الإخبارية ليوم 01 نوفمبر 2022، يوم انعقاد القمة، الذي كان مسبوقاً بموضوع الانتخابات الإسرائيلية.

-        الجزيرة في تناولها لأداء الدبلوماسية الجزائرية اتجاه القضية الفلسطينية في نشرة أخبار الرئيسية "الحصاد"، كانت محايدة بنسبة وصلت إلى 100% ، و هذا الحياد، لم يكن موضوعي أو إيجابي مثل الذي تحاول أن تصل إليه أي قناه إخبارية، و إنما مقصده التقليل من أهمية موضوع الدبلوماسية الجزائرية الرامية لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية و لم شمل الفصائل الفلسطينية من أجل اتخاذ موقف صلب وموحد في وجه الكيان الصهيوني ورفع الحصار على قطاع غزه، كما تبين من خلال التحليل، أن القناة لم تمنح الموضوع الحيز الزمني الكافي ولا الترتيب الذي يُظهر قيمته، علاوة على اعتمادها على الأنواع الصحفية الخبرية فقط كالخبر والتقرير لسرد الوقائع دون استعمال أنواع أخرى تساعد على إبراز و فهم دور الدبلوماسية الجزائرية اتجاه القضية الفلسطينية، مثل غياب حوار صحفي مع ممثل الدبلوماسية الجزائرية الذي لم نجده في مضمونها،  أو حتى مع ممثل الفصائل الفلسطينية كقادة أكبر فصيلتين في فلسطين، حتى أن الدراسة، لم تجد أي انتقاد لدور الجزائر الدبلوماسي أو أي تعليقات سلبية لهذا الأداء من شأنه أن يشير إلى الاهتمام بالموضوع.

-        لم تجد الدراسة من خلال المادة التي عالجتها في دراستها، أي موقف أو رأي سواء بالإيجاب أو بالسلب أبدته قناة الجزيرة اتجاه أداء الدبلوماسية الجزائرية نحو القضية الفلسطينية، مع أن موقف الجزيرة من القضية الفلسطينية معروف وواضح، كون أنها كانت دائماً تعطي لها أهمية خاصة.

-        مع أن قناه الجزيرة كانت دائماً ترفع شعار "لم الشمل" في أخبارها، إلا أن الدراسة لاحظت أنها كانت تتعامل معه بنوع من التحفظ والتشكيك، بين ما يحمله هذا الشعار من أهداف ومعاني، و بين ما تقدمه من خطاب يصب في صعوبة تحقيق مضمونه على أرض الواقع، إذ يقول مقدم نشرة 03 نوفمبر 2022 على سبيل المثال، انفضت القمة العربية في الجزائر، بأحلام ووعود كثيرة و كبيرة تحمل شعار "لم الشمل"، لكن الواقع العربي يقدم بيئة سياسية واقتصادية تجعل من إدراك هذه الاحلام أمراً عسير .. كل ذلك يجعل "لم الشمل" حلماً ليس للجميع سواء في الايمان به أو الأخذ به،  وقد لمح صحفي آخر في مداخلته، أن ما جاء في القمة العربية من قرارات، لم ولن يختلف كثيراً عن القرارات والبيانات التي جاءت في القمم السابقة والتي بقيت مجرد حبر على ورق وشعارات تُقال ولا تُطبق على أرض الواقع، وهو الأمر الذي دفع بالمواطن العربي لفقدان الثقة بمثل هذه المناسبات وما يخرج عنها من شعارات وقرارات.

-        و قد أبدى أساتذة اللجنة المناقشة لهذه الدراسة باعتبارهم خبراء في علم الإعلام و الاتصال، أن المعالجة الإعلامية لأي وسيله إعلامية مهما كانت طبيعتها، لا تنطلق من فراغ بل وفق أجندتها وسياساتها وانتاجها و وفق مشروع الوسيلة ورؤية قادتها والمتحكمين فيها، فمن الطبيعي حسبهم أن تخدم قناة الجزيرة الدبلوماسية القطرية وتحاول جاهدة لإبرازها كأهم قوة بين الدول العربية، وتقلص من حجم الدبلوماسيات الأخرى ومن بينها الدبلوماسية الجزائرية التي تسعى إلى إحلال السلام و جمع الصف العربي و الفلسطيني على وجه التحديد.

    إن المجهودات الدبلوماسية التي تقوم بها الجزائر في الآونة الأخيرة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لا يمكن أن يتغافل عنه أي ملاحظ، سياسياً كان أو إعلامياً، فهي مجهودات تحتاج إلى تشجيع بالنظر إلى القضايا التي تتبناها و على رأسها القضية الفلسطينية، ثم أنها مجهودات لم تأخذ فيها الجزائر مواقف سلبية أو منحازة، بل مواقف عادلة تحترم فيها مواقف المتنازعين و تتفادى التدخل في شؤونهم.

    فإذا علمنا أن أكبر الدول العربية، تقف موقف المشاهد على ما يحدث من صراعات عربية-عربية، فإن مبادرة الجزائر لا يمكن إلا أن تبارك، لكن هناك من لا ترضيه أن تكون بعض الدول العربية قوية على شاكلة الجزائر، فتجعل المحافل الرياضية التي تُقام على أرضها، أهم من مشاكل الدول العربية وشعوبها.

و الله ولي التوفيق.

1 تعليقات

  1. أستاذ لقد كفيت و وفيت فإذا ضربت فأوجع وإذا أطعمت فأشبع وإذا مشيت فأسرع وإذا ناقشت فأقنع وإذا تكلمت فأسمع وإذا كتبت فأبدع هذا للأسف هو صراع المصالح الذى ضيع أهم قضايا العرب

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال